تبدا القصة في سبعينيات القرن الماضي حيث انتشر نظام تشغيل حقيقي والذي عرف باسم يونكس وما لبث ان انتشر في العديد من القطاعات كالمؤسسات الحكومية والجامعات, ومراكز الابحاث وكان السبب الرئيسي في انتشاره كونه حرا, في الواقع لم يوجد في هذا الوقت مصطلح برمجيات مملوكة او برمجيات حرة حيث كانت كل البرمجيات في هذا الوقت حرة ويمكن لاي شخص الحصول على المصدر البرمجي للبرامج او حتى نظام التشغيل نفسه, لكن في الثمانينات وتحديدا سنة 1983 قررت شركة AT&T الشركة المالكة لنظام يونكس التوقف عن اتاحة الشفرة البرمجية للنظام, ويتوجب على اي جامعة او شركة تريد نسخة من النظام ان تطلب ترخيص استعمال من شركة AT&T .
هذا التصرف كان يتماشى مع الاتجاه العام في هذه الفترة حيث ظهرت العديد من الشركات الناشئة في مجال تقنية المعلومات والتي رأت ان الوضع في ذلك الوقت منفتح اكثر من اللازم ولن يضمن لهم الارباح التي يطمحون اليها, وعليه منذ ذلك الوقت اصبحت كل الشركات تنتج برمجيات مقيدة مغلقة المصدر.
هذا التصرف لم يرض الجميع في ذلك الحين واغضب الكثير من الاشخاص والمؤسسات الذين ساهموا في تطوير نظم يونكس ووصوله لما هو عليه, احد الغاضبين من هذه الخطوة التي اتخذتها شركة AT&T كان البروفيسور ريتشارد ماثيو ستالمن, الاستاذ بمخبر الذكاء الصناعي في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا, والذي قرر وقتها اتخاذ خطوة فعلية لتوفير نظام حر بالكامل لايتحكم فيه احد ونتج عن ذلك ولادة مشروع جنو الذي هدف لانتاج نظام تشغيل حر يشبه يونكس ليس ذلك فحسب بل ايضا افضل منه, وقد بدأ مشرع جنو سنة 1984 .
وفي سنة 1985 انشئ البروفيسور ريتشارد ستالمن مؤسسة ربحية مهمتها تقديم الدعم التنظيمي والقانوني والمالي لمشروع جنو والبرمجيات الحرة سماها مؤسسة البرمجيات الحرة Free Software Fundation, وعلى مدار الوقت كان للمشروع صدى واسع في كل انحاء العالم.
مع عودة انتشار البرمجيات الحرة في التسعينات ووصولها ليس فقط للمستخدمين العاديين بل ايضا الى قطاع الاعمال والتجارة ظهرت مشكلة بسبب التباس في اللغة الانجليزية حيث ان كلمة free تعني مجاني وتعني ايضا حر, ظهرت حركة تدعى مبادرة المصدر المفتوح Open Source Initiative وجاءت المبادرة بالدعوة لاستخدام مصطلح Open Source عوضا عن Free لان الكثير من الاشخاص يختلط عليهم الامر خصوصا قطاع الاعمال, ولكن مبادئ المصادر المفتوحة اتخذت منحى اخر بخلاف المشكلة اللغوية, حيث اصبح فلسفة وافكارا خاصة غير فلسفة الرمجيات الحرة.
برمجيات حرة ام مصادر مفتوحة؟ حاليا قد يكون المصطلحان وجهان لعملة واحدة ولذلك غالبا مايرمز اليها بالرمز FOSS اي Free Open Source Software حيث تعتبر اغلب البرامج المفتوحة المصدر هي برامج حرة, ولكن لكل منهما فلسفة ودوافع مختلفة فحركة البرمجيات الحرة في الاساس ذات دافع اخلاقي واجتماعي, فالمهم هنا هو حرية المستخدم بغض النظر عن اي شيء اخر, بينما مبادرة المصادر المفتوحة ترتكز في الاساس على دوافع تقنية, فتعتبر استراتيجية لانتاج وتطوير البرمجيات, فالوضع الحالي يشبه شخصان يمشيان في طريق واحد لكن لكل منهما هدف مختلف.
وفي لغتنا الرائعة لانعاني من اي مشاكل في المعاني والمرادفات فالحر حر والمجاني مجاني, وحتى في اللغة الانجليزية بتوضيح بسيط يمكن ازالة الالتباس بقول Free as in freedom, واذا كنت مهتم بالتعرف اكثر عن حركة البرمجيات الحرة والمصادر المفتوحة ينصح بمراجعة كتاب "الاسئلة الاكثر شيوعا عن البرمجيات الحرة والمصادر المفتوحة"
مع بداية الالفية وتحديدا في سنة 2000 ظهرت مؤسسة المشاع الابداعي Creative Commons وهي مؤسسة غير ربحية تسعى لنشر المواد الحرة عبر توفير اطار قانوني وتنظيمي للراغبين بنشر اعمالهم بشكل حر, حيث ان المشاركة تزيد من الانتاج وتعطي موادا ذات جودة عالية تساهم في الانتاج الابداعي, ويشمل جميع اشكال الانتاج الفكري من مكتوب وسمعي ومرئي, والان هناك العديد من المؤسسات والمجمواعات و الاشخاص من جميع انحاء العالم يساهمون كل يوم في تشكيل وصنع وانتاج المزيد من المواد الحرة مفتوحة المصدر .
أضف تعليق:
0 comments: