تليسكوب هابل التابع لناسا والذي يدور حول الأرض لمدة 25 عامًا يبدو أنه لن يدوم إلى الأبد.
تم إطلاق هابل علي متن المكوك الفضائي "ديسكفري" في الرابع والعشرين من أبريل لعام 1990 وقد قام بالتقاط العديد من المناظر الخلابة للكون منذ إصلاح الخلل الموجود بالمرآة الموجودة به من قبل رواد الفضاء في مهمة "الخدمة" عام 1993، وقد ساهم هذا المرصد في العديد من الاكتشافات الثورية، مؤكدًا أن الكون يتسارع في توسعه بدلًا من تباطؤه، وأن الثقوب السوداء العملاقة كامنة في قلب معظم المجرات إن لم يكن كلها.
ينبغي أن يستمر الإرث العلمي لهابل لسنوات قادمة. إذ أوضح العاملون علي التليسكوب أن له القدرة على الاستمرار بالعمل إلى غاية عام 2020 إن لم يكن أبعد من ذلك بكثير في المستقبل، ويرجع الفضل في ذلك إلي نجاح مهمات "الخدمة" من قبل رواد الفضاء التي قُدرت بخمس مهمات بين عامي 1993 و 2009 .
وقد قال رئيس بعثة هابل « كان سمباخ - Ken Sembach » من معهد علوم تليسكوب الفضاء في بالتيمور التي تدير البرنامج العلمي للتليسكوب، "أن التليسكوب في حالة ممتازة في الوقت الحالي" معقبًا أنه في حالة أفضل مما كنا نتوقع بسبب بعثات الخدمة الخمس.
وقد وافقت مؤسسة العلوم التليسكوبية علي كلام Ken Sembach ، حيث أكّد عالم الفيزياء الفلكية « ماريو ليفيو » أنه لا توجد علة خطيرة في المرصد في الوقت الراهن ونأمل ألا يكون في المستقبل.
ما الخطأ الوارد حدوثه؟
على الرغم من أن تليسكوب هابل، وهو المشروع المشترك بين وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة ناسا، يبدو في حالة ممتازة الآن، إلا أنه ليس خالداً. وقد قال Sembach أنه من الممكن حدوث مشاكل خطيرة في عديد من أنظمة هابل المختلفة.
حيث قال Sembachh : "قد يكون لدينا مشاكل مع أنظمة التوجيه على متن المرصد فلدينا ثلاث أجهزة استشعار للتوجيه" وقال معقبًا أن الأجهزة الالكترونية الموجودة علي متنه كلها أصلية وقديمة فهي أجهزة تضاهي قدم المرصد نفسه.
وأضاف أن هذه الأجهزة تظل في حالة جيدة ولكنهم بدأت تتدهور بسبب ارتفاع مستويات الإشعاع نسبياً في المدار الأرضي المنخفض.
كما يعتبر الفشل الكبير في نظام الاتصالات علي متن المرصد مشكلة محتملة الوقوع، إضافة إلى مشكلة عجلات رد الفعل التي تحافظ علي توجيه المرصد، وقد قال Sembach في هذا الشأن: "نحن نملك أربع عجلات رد فعل على متن المرصد وجميعها تعمل بشكل جيد"، وأضاف أنهم بحاجة فقط إلى ثلاثة منهم لكي يعمل المرصد؛ لذلك إذا حدث وتعطلت واحدة من العجلات فلن يكون بالأمر الذي يستدعي عملية إيقاف المرصد.
وقد تفاقمت مشكلة عجلات رد الفعل مع مركبة فضائية أخرى تابعة لناسا. إنها كبلر "صائدة الكواكب" والتي تم إطلاقها في مارس 2009 للبحث عن كواكب أخرى خارج المجموعة الشمسية، وتم إنهاء مهمة المركبة في مايو عام 2013 عندما تحطم اثنين من عجلات رد الفعل الموجود بالمركبة ( تجري كبلر الأن مهمة باثنين فقط من الأربع عجلات تسمي مهمة K2 وهي تسير بشكل جيد مع العجلتين فقط).
كما يمكن لمشاكل الكمبيوتر المتوقعة أن تضع نهاية لهابل، ففي حالة حدوث خلل في أنظمة الحاسوب المتحكمة بأدوات ونظام المرصد قد يؤدي ذلك لفشل كل شيء على المرصد ويؤدي إلى نهايته.
يقول Sembach : "إن الأولوية هي حل العواقب المحتمل وقوعها"، كما أضاف أن: "هابل آلة قوية البناء والمشتغلون به وضعوا خططًا طارئة لضمان استمرارية فترة حياة المرصد لفترة طويلة."
كما عقب بقوله " لدينا عديد من الخطط الطارئة؛ فهناك خطط للاتصالات، للأدوات، لأدوات حفظ توازن المرصد ولأنظمة الحاسوب، إضافة إلى خطط للسيطرة على الموقف في حالة حدوث شيء، ببساطة نحن نملك خططا لأي شيء قد تفكر به".
يهدف أعضاء فريق المرصد هابل إلى لحفاظ على المرصد في حالة جيدة بحلول عام 2020 على الأقل، لذلك سيتم وضع ذلك في الحسبان. كما يسعون إلى إطلاق تليسكوب جيمس ويب الفضائي عام 2018، حيث ستصل التكلفة إلي 8.8 مليار دولار. إن تليسكوب جيمس ويب الفضائي هو الأفضل لعرض الكون بالأشعة تحت الحمراء بينما يتفوق هابل بعرضه للكون بالأشعة فوق البنفسجية ورؤيته أكثر في الأطوال الموجية الظاهرة.
ويضيف Sembach :"باستخدام اثنين من التليسكوبات الفضائية في حالة مزدوجة، يمكن أن نحصل على رؤية واضحة للكون وحساسة لجميع الألوان أفضل من التي يمكن الحصول عليها من هابل أو جيمس منفردين" .
يتمركز تلسكوب هابل الفضائي على ارتفاع 353 ميلا (568 كيلومترا) فوق سطح الأرض، إلا أن مداره يضمحل مع مرور الوقت بسبب السحب في الغلاف الجوي. وهذا يعني أن قرارًا يلوح في الأفق لناسا، بغض النظر عن مدى استمرار التلسكوب في تقديم منتوج قيمّ علميا.
تقف وكالة الفضاء أمام خيارين، إما تعديل مدار هابل بشكل مضبوط ليتم إرسال المسبار الأسطوري إلى مثواه الأخير على مدى المحيط الهادي؛ أو ضبطه على مدار أعلى من شأنه أن يُبْقِيَ هابل عاليا لعقود قادمة.
وقال جون جرونسفيلد، عالم الفلك و رائد الفضاء :" أن لا نفعل شيئا، ونسمح لهابل أن يعود إلى الأرض ليتحطم ضمن مدار غير منضبط، فذالك ليس خيارا قابلا للتطبيق. "
جون جرونسفيلد، رائد الفضاء السابق الذي خدم ضمن 3 مهمات تعلقت بهابل، صرّح في فيديو تابع لوكالة ناسا حول مصير المسبار: "وهكذا، إذا تم التخلي عنه بشكل غير مضبوط ، و آل للسقوط في مكان آهل بالسكان ويقتل منهم، فإن النهاية ستكون سيئة". ويقول Sembach:" إن حلّ المدار أو تعديله بالزيادة سيتطلب مهمة لهابل، مما يوجهنا نحو خيار آخر و هو الحفاظ على المرصد لفترة أطول" ، ويضيف : "إذا تم تعديله في مدار أعلى، فهل علينا أيضا تجديده كي يقدم مردوديّة رفيعة و قيمّة ؟ "
إن بعثة إنزال هابل ستكون بدون طيار و ستتطلب جهدا روبوتيا مهولا و عالي الدقة ، إلاّ أن السيناريو الأسوء للهبوط هو سقوط المرصد على الأرض و تحطمه سنة 2028 . و معظم النماذج المطروحة لضبط الهبوط أو التعديل لن تتم قبل منتصف ثلاثينيات القرن الحالي؛ لذلك علينا أن نبدأ في التفكير حقا حول ما الذي نريد القيام به، فعلى الأرجح، هذا هو الوقت المناسب، نظرا لأننا مازلنا في خضم خمسة سنوات أخرى من عمليات هابل و سوف ننظر إلى الكون بطريقة مختلفة عما نراه اليوم .
أضف تعليق:
0 comments: