لقد كان شيئا مثيراً للدهشة، ذلك عندما ادَّعى فيزيائيون نجاحَهم في اكتشاف حالة جديدة "مستحيلة" للمادة في المعمل: مواد فائقة الصلابة تجمع بين خصائص الصلب والسائل في نفس الوقت.
ويدور الآن جدل واسع حول صحة هذا الاكتشاف، خصوصاً بعد ادِّعاء مماثل عام 20044 تمَّ دحضه وتكذيبه.
مادة فائقة الصلابة، تخيَّل مادة لها البنية البلورية للمادة الصلبة وفي نفس الوقت تنساب وتتدفق مثل السوائل! تناقض شديد في الفيزياء التقليدية.
توجد أربع حالات رئيسية معروفة للمادة وهي الصلبة، والسائلة، والغازية، والبلازما، وتعتمد حالة المادة على عدة عوامل مثل: الضغط ودرجة الحرارة، ويختلف ترتيب الجسيمات داخل المادة حسب كل حالة.
في الحالة الجديدة، تتخذ الجسيمات نفس التركيب البلوري للمادة الصلبة ولكنها تستطيع التدفق بدون لزوجة، وهو بداية الطريق للوصول إلى اللزوجة الفائقة.
واللزجة هي مقاومة المائع للسريان، فالعسل أعلى لزوجة من الماء.
يقول باحث من أحد الفريقَين الّذَيْن توصلا إلى هذا الاكتشاف: "لقد كان الحصول على مادة تجمع بين الصلابة واللزوجة الفائقة غير متوقع"
يتابع:"إذا كانت القهوة مثلاً فائقة اللزوجة وقمت بتقليبها، فسوف تظل تدور إلى الأبد"
شرح التجربة:
في شهر نوفمبر الماضي، أعلن فريقان من دولتين مختلفتين، اكتشافهم للحالة الجديدة، الفريق الأول من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT والأخر من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا ETH Zurich، وبالرغم
من انتهاج كلا الفريقين لطريق مختلف، فقد استخدم كلا الفريقين تكاثف بوز وأينشتاين للحصول على الحالة الجديدة.
تكاثف بوز وأينشتاين في الفيزياء هو الحالة الخامسة من المادة وهو تكاثف تنبأ به كل من ساتيندرا ناث بوز سنة 1924 وألبرت أينشتاين بين عامي 1924 و1925، وأثبت بالتجربة سنة 1995 أي بعد 70 عاما من التكهن بوجود هذه الظاهرة، وكان بوز وأينشتاين قد تكهنا أن ذرات الغاز إذا كانت من البوزونات (جسيم أولي Boson) فإنها تحتل حالة كمومية واحدة إذا انخفضت درجة حرارتها الى درجه الصفر المطلق وهي صفر كلفن، حينئذ تتصرف الذرات كالموجات.
تجربة الفريق السويسري:
وضع الفريق كمية قليلة من غاز الروبيديوم في حجرة مفرَّغة، وقاموا بتبريدها إلى درجة حرارة تقترب من الصفر المطلق، فحصلوا على تكاثف بوز وأينشتاين.
قم وضع الفريق ذلك التكاثف في جهاز له حجرتي رنين ضوئي –أي يصدر عنهما موجات ضوئية باستخدام ضوء الليزر- وكل حجرة مكونة من زوج متقابلين من المرايا، في النهاية تتخذ الجسيمات تركيب بلوري منتظم مثل التركيب البلوري للمادة الصلبة، ولكن مع احتفاظ التكاثف بخاصية اللزوجة الفائقة.
تجربة فريق معهد MIT:
استخدم الفريق مزيج من ضوء الليزر ووسائل تبريد أخرى لتحويل ذرات الصوديوم إلى تكاثف بوز وأينشتاين.
عندئذ استخدموا ضوء الليزر لترتيب الجسيمات في شكل بلوري منتظم، عن طريق خلق تغيرات في كثافة الذرات.
بالرغم من اختلاف الطريقتين، إلا أن النتيجة كانت واحدة: مادة صلبة لها القدرة على الانسياب بدون لزوجة.
لكن ما الفائدة من مادة كهذه لنا نحن؟
حتى الان، ليس الكثير، فحقيقة أن هذه المادة تتواجد فقط في درجات حرارة منخفضة جداً وفي حجرات مفرَّغة تماماً تمنعنا من الاستفادة بها في الوقت الحالي.
ولكن قد يؤدي التعمق في فهم الحالات الغريبة للمادة إلى تقدم في المواد فائقة التوصيل (Superconductors)، وهي مواد مفيدة جدا في نقل الكهرباء، حيث إن مقاومتها تقترب من الصفر وبالتالي فإن الفقد في الطاقة المنقولة -والذي يظهر على هيئة حرارة في الموصلات العادية - سيقترب من الصفر.
أضف تعليق:
0 comments: