إذا اطّلعنا على عيّنات من الطيور المتحجرة في المتحف القديم من منظور جديد وأساليب حديثة، وكذلك الأحافير المُكتشفة حديثًا في الصين وأمريكا الجنوبية وبلدان أخرى، سنرى كيف انحدرت الطيور من ديناصورات صغير آكلة للحوم من العصر الجوراسي المتأخر. عمليّة البحث عن أسلاف الطيور الحية بدأت مع اكتشاف عيّنة من أوّل طائر معروف يُدعى «أركيوبتركس» والذي تم اكتشافه في بدايات 1860.
أركيوبتركس هو طائر مكسو بالرّيش على طول جناحيه وذيله مثل الطيور المعروفة اليوم، لكنه امتلك أسنانًا وذيلًا عظميًا طويلًا على عكس طيور اليوم، وكذلك لم تكن الكثير من عظام يديه وكتفيه وحوضه وقدميه مفصولات أومصغرات مثل طيور اليوم. اعتمادًا على هذه الميزات، تم تعريف الأركيوبتركس على أنه يقع بين فصيلة الطيور والزواحف، لكن أيّ نوع من الزواحف؟
في عام (1970) لاحظ علماء الحفريات أن الأركيوبتركس يشارك ميزات فريدة من نوعها مع نوع صغير من الديناصورات آكلة الحوم تسمى «ثيروبودات». جميع فئات الديناصورات ظاهرة في الصورة المرفقة باستثناء «طيريات الورك» وهي من الثيرابودات. يرجّح العلماء أن أسلاف الطيور كانت الثيرابودات معتمدين بادعائهم هذا على الميزات المشتركة بين النوعين. عندما قام العلماء برسم الأشجار التطوّريّة لدراسة هذه المسألة، زاد اقتناعهم بأنّ الطيور ببساطة هي مجرّد غُصَين صغير تابع لفرع الديناصورات في شجرة الحياة.
بعد انحدار الطيور من الديناصورات ذوات الأقدام (ثيروبودات) تم تعديل العديد من خواصّها، ومع ذلك فمما يجدر ذكره أن الحيوانات لم «تحاول» أن تصبح طيورًا تحت أيّ ظرف؛ في الواقع، كلّما نظرنا عن كثب، ظهرت الخواصّ التي تميّز الطيور بشكل أوضح، وكيف تطوّرت خلال سلسلة معقّدة من الخطوات، وقدّمت وظائف مختلفة للطيور.
فلنأخذ الرّيش كمثال؛ الثرابودات الصغيرة لها صلة مع كومبسوقناثوس الذي قد يكون أوّل من قام بتطوير الرّيش، هذه الكمية من الريش القصيرة التي تشبه الشعر وتنمو على رؤوسهن ورقابهن وأجسامهن قد منحهن انعزالًا شكليًا. على ما يبدو أن الرّيش قد كان يملك أنماطًا لونيّة مختلفة أيضًا، مع أنه من الصعب تحديد الوظيفة للأنماط اللونيّة، إن كانت من أجل الإغراء أو التمويه أو التعرّف على الأنواع أو وظيفة أخرى من الصعب تحديدها.
في الثيروبودات الأقرب للطيور -مثل الأوفيرابتوروس- وجد العلماء أنواعًا جديدة من الرّيش: النوع الأول متشعّب وأملس، والأنواع الأخرى قد طوّرت ساقًا رئيسية مع أجزاء غير منظمة منسدلة من الساق نفسها ومن جذرها، بينما الأنواع الأخرى مثل الأركيوبتركس لديه بُنية تشبه المروحة؛ حيث الأشواك مرتبة جدًا ومحاطة بأشواك أصغر، هذه الهيئة مطابقة لشكل الريش لدى الطيور الحيّة.
تأتي مجموعة أدلّة أخرى من التغييرات الحاصلة في أصابع الديناصورات المتطوّرة إلى طيور. فالديناصور الثيروبودي الأول امتلك أيادٍ فيها الإصبع الخامس والرابع صغيرَين بينما الإصبع الثاني طويل. كما يظهر في الرسم التوضيحي التطوّري فإن نسب الثيروبودات الذي قد ينحدر أخيرًا إلى طيور قد خسر الإصبع الخامس ثم الرابع بشكل كامل. عظام الرسغ التابعة للإصبع الأول والثاني قد اتحدت وأخذت شكلًا نصف دائري، وهو ما سمح بحركة اليد باتجاهين عكس الساعد. هذا التغيّر سمح في نهاية المطاف لمفاصل الأجنحة لدى الطيور بالحركة بطريقة تخلق قوة الدفع للطيران.
لطالما تمت مناقشة وظائف الريش المتطوّرة. وكما رأينا بوضوح، فإن أوّل وأبسط ريش كانت وظيفته العزل. لكن في وقت لاحق امتلكت الثيرابودات مثل الأوفيرابتوروس ريشًا طويلًا على ذراعيها وراحتيها رغم أن الأطراف الأمامية نفسها قصيرة.
إحدى الاقتراحات أتت من حفريّات ملحوظة تابعة للأوفيرابتوروس محفوظة في مكان يحوي رواسب العصر الطباشيري الخاصة بصحراء جوبي. الهيكل العظمي للحيوان قد احدودب للأعلى فوق عُش بيض مثل الدجاجة الحاضنة. وأحاطت الأيدي بالعُش كملجأ حماية، لذلك قد يكون الريش قد وفر وظيفة للتدفئة والحماية من الخطر.
استمرّت الطيور بالتطور بعد الأركيوبتركس في نفس الاتجاه كما سلفهن الثروبودات، تقلّصت الكثير من عظامهن واندمجت مما ساعدهم في زيادة كفاءة الطيران. وبالمقابل أصبحت الجدران العظامية أرقّ، والرّيش أطول، وأصبح تحريك الأجنحة غير متماثل، وهو ما قد يسمح بتحسين الطيران. تقلّص الذيل العظميّ إلى طرف قصير، ورذاذ الريش على الذيل في النهاية قد اكتسب وظيفة تحسين الاستقرار والقدرة على المناورة.
عظم الترقوة (الواقعة بين صدر ورقبة الطير) والتي قد وُجدت في الديناصورات غير الطائرة أصبحت أقوى وأكثر دقة، وتطوّرت عظام الكتف لربط عظام الصدر بهدف تثبيت جهاز الطيران للأطراف الأماميّة. أصبح عظم الصدر نفسه أكبر، وطوَّرَ عارضة مركزيّة وسط الصدر والتي رسّخت عضلات الطيران.
تطوّرت الأذرع لتصبح أطول من الأقدام كما في البنية الرئيسية المتحرّكة المتحوّلة من راكضة إلى طائرة، وكذلك خسارة الأسنان بشكل متكرر في مختلف أنساب الطيور الأوّلية، السلف الخاص بجميع الطيور الحية عاشت في أواخر العصر الطباشيري، وبعد (65) مليون سنة منذ انقراض بقيّة الديناصورات، هذا النسب الجدّ قد تنوّع إلى مجموعات كبيرة من الطيور والتي تعيش في يومنا هذا.
أركيوبتركس هو طائر مكسو بالرّيش على طول جناحيه وذيله مثل الطيور المعروفة اليوم، لكنه امتلك أسنانًا وذيلًا عظميًا طويلًا على عكس طيور اليوم، وكذلك لم تكن الكثير من عظام يديه وكتفيه وحوضه وقدميه مفصولات أومصغرات مثل طيور اليوم. اعتمادًا على هذه الميزات، تم تعريف الأركيوبتركس على أنه يقع بين فصيلة الطيور والزواحف، لكن أيّ نوع من الزواحف؟
في عام (1970) لاحظ علماء الحفريات أن الأركيوبتركس يشارك ميزات فريدة من نوعها مع نوع صغير من الديناصورات آكلة الحوم تسمى «ثيروبودات». جميع فئات الديناصورات ظاهرة في الصورة المرفقة باستثناء «طيريات الورك» وهي من الثيرابودات. يرجّح العلماء أن أسلاف الطيور كانت الثيرابودات معتمدين بادعائهم هذا على الميزات المشتركة بين النوعين. عندما قام العلماء برسم الأشجار التطوّريّة لدراسة هذه المسألة، زاد اقتناعهم بأنّ الطيور ببساطة هي مجرّد غُصَين صغير تابع لفرع الديناصورات في شجرة الحياة.
بعد انحدار الطيور من الديناصورات ذوات الأقدام (ثيروبودات) تم تعديل العديد من خواصّها، ومع ذلك فمما يجدر ذكره أن الحيوانات لم «تحاول» أن تصبح طيورًا تحت أيّ ظرف؛ في الواقع، كلّما نظرنا عن كثب، ظهرت الخواصّ التي تميّز الطيور بشكل أوضح، وكيف تطوّرت خلال سلسلة معقّدة من الخطوات، وقدّمت وظائف مختلفة للطيور.
فلنأخذ الرّيش كمثال؛ الثرابودات الصغيرة لها صلة مع كومبسوقناثوس الذي قد يكون أوّل من قام بتطوير الرّيش، هذه الكمية من الريش القصيرة التي تشبه الشعر وتنمو على رؤوسهن ورقابهن وأجسامهن قد منحهن انعزالًا شكليًا. على ما يبدو أن الرّيش قد كان يملك أنماطًا لونيّة مختلفة أيضًا، مع أنه من الصعب تحديد الوظيفة للأنماط اللونيّة، إن كانت من أجل الإغراء أو التمويه أو التعرّف على الأنواع أو وظيفة أخرى من الصعب تحديدها.
في الثيروبودات الأقرب للطيور -مثل الأوفيرابتوروس- وجد العلماء أنواعًا جديدة من الرّيش: النوع الأول متشعّب وأملس، والأنواع الأخرى قد طوّرت ساقًا رئيسية مع أجزاء غير منظمة منسدلة من الساق نفسها ومن جذرها، بينما الأنواع الأخرى مثل الأركيوبتركس لديه بُنية تشبه المروحة؛ حيث الأشواك مرتبة جدًا ومحاطة بأشواك أصغر، هذه الهيئة مطابقة لشكل الريش لدى الطيور الحيّة.
تأتي مجموعة أدلّة أخرى من التغييرات الحاصلة في أصابع الديناصورات المتطوّرة إلى طيور. فالديناصور الثيروبودي الأول امتلك أيادٍ فيها الإصبع الخامس والرابع صغيرَين بينما الإصبع الثاني طويل. كما يظهر في الرسم التوضيحي التطوّري فإن نسب الثيروبودات الذي قد ينحدر أخيرًا إلى طيور قد خسر الإصبع الخامس ثم الرابع بشكل كامل. عظام الرسغ التابعة للإصبع الأول والثاني قد اتحدت وأخذت شكلًا نصف دائري، وهو ما سمح بحركة اليد باتجاهين عكس الساعد. هذا التغيّر سمح في نهاية المطاف لمفاصل الأجنحة لدى الطيور بالحركة بطريقة تخلق قوة الدفع للطيران.
لطالما تمت مناقشة وظائف الريش المتطوّرة. وكما رأينا بوضوح، فإن أوّل وأبسط ريش كانت وظيفته العزل. لكن في وقت لاحق امتلكت الثيرابودات مثل الأوفيرابتوروس ريشًا طويلًا على ذراعيها وراحتيها رغم أن الأطراف الأمامية نفسها قصيرة.
ماذا قد تفعل هذه الحيوانات مع ريش طويل وأذرُع قصيرة؟
إحدى الاقتراحات أتت من حفريّات ملحوظة تابعة للأوفيرابتوروس محفوظة في مكان يحوي رواسب العصر الطباشيري الخاصة بصحراء جوبي. الهيكل العظمي للحيوان قد احدودب للأعلى فوق عُش بيض مثل الدجاجة الحاضنة. وأحاطت الأيدي بالعُش كملجأ حماية، لذلك قد يكون الريش قد وفر وظيفة للتدفئة والحماية من الخطر.
استمرّت الطيور بالتطور بعد الأركيوبتركس في نفس الاتجاه كما سلفهن الثروبودات، تقلّصت الكثير من عظامهن واندمجت مما ساعدهم في زيادة كفاءة الطيران. وبالمقابل أصبحت الجدران العظامية أرقّ، والرّيش أطول، وأصبح تحريك الأجنحة غير متماثل، وهو ما قد يسمح بتحسين الطيران. تقلّص الذيل العظميّ إلى طرف قصير، ورذاذ الريش على الذيل في النهاية قد اكتسب وظيفة تحسين الاستقرار والقدرة على المناورة.
عظم الترقوة (الواقعة بين صدر ورقبة الطير) والتي قد وُجدت في الديناصورات غير الطائرة أصبحت أقوى وأكثر دقة، وتطوّرت عظام الكتف لربط عظام الصدر بهدف تثبيت جهاز الطيران للأطراف الأماميّة. أصبح عظم الصدر نفسه أكبر، وطوَّرَ عارضة مركزيّة وسط الصدر والتي رسّخت عضلات الطيران.
تطوّرت الأذرع لتصبح أطول من الأقدام كما في البنية الرئيسية المتحرّكة المتحوّلة من راكضة إلى طائرة، وكذلك خسارة الأسنان بشكل متكرر في مختلف أنساب الطيور الأوّلية، السلف الخاص بجميع الطيور الحية عاشت في أواخر العصر الطباشيري، وبعد (65) مليون سنة منذ انقراض بقيّة الديناصورات، هذا النسب الجدّ قد تنوّع إلى مجموعات كبيرة من الطيور والتي تعيش في يومنا هذا.
أضف تعليق:
0 comments: