إن إثارة الإنتباه حول تربية الأطفال أمر قد لايكون سهلا في البداية لأن البعض لايولي اهتماما كبيرا بهذا الشيء خاصة إن كثرة انشغالاته اليومية, لربما الجملة التي تقول بان الوالدين يجب أن يكونا مربيين وليسا راعيين لن تكون مفهومة للكثيرين, فهناك فرق كبير بين الإثنين, فالرعاية تتضمن المسؤولية في توفير المأكل والمشرب والملبس والمسكن والراحة المادية لمن نرعاه, بينما التربية هي تعديل في السلوكيات وإضافة الصفات الحميدة ومحاولة تنمية القدرات والمهارات لدى أطفالنا.
يجب أن تكون لدينا فكرة مسبقة عن الأطفال وتربيتهم حتى قبل أن يرزقنا الله بهم, فلا بد أن ندرك كيف نربي أبناءنا, وكيف نعدل سلوكهم, وكيف ننمي قدراتهم ومهاراتهم, ولابد أن يكون لدينا الحل لكل مشكلة قد تواجهنا.
هناك العديد من المظاهر التي يمكنك أن تلاحظها في مجتمعنا والمتعلقة بتربية الأطفال, هنالك نوع من الأسر التي تجد فيها الأم تعمل وبالتالي لن يكون لها وقت لتربية أطفالها ستضعهم عند الجيران أو تأخذهم لأحد بيوت الأهل طوال اليوم كل هذا لانها مشغولة بالعمل, ونتائج هذا أن مثل هذه الأم لاتربي, بل غيرها هو من يربي أولادها, وإذا ساء الحظ فستقوم أم سيئة بتربية طفلها وستضيف بهذا شخصا سيئا إلى المجتمع, إن السن التي يمكن أن تحدد سلوك الطفل تكون من أول يوم ميلاد حتى سن 12, فكر في الأمر أنت تترك أطفالك لاشخاص لايعلمون الكثير عن تربية الأطفال, عندما يكبرون سيتعلمون السلوكيات التي تعلموها عند الأشخاص الذين تركوا عندهم ولن يحملوا من عندك الكثير.
الامر الآخر هو أن أطفالنا لايكفون عن مشاهدة الكرتون ويكاد يومهم يمر أمام التلفاز وهذا شيء سيء إذا تعلق بتربية الطفل, أي مهارات وأي سلوكيات سيتعلها الطفل أمام التلفاز؟ يتحجج مجتمعنا بأشياء غبية حقا ! الوالد ليس لديه الوقت والأم إن كانت تعمل فهي مثله أما إن كانت ماكثة في البيت فهي ترى بأن هذا الأمر جيد لكي تتجنب تعب التربية والازعاج الذي يسببه الأولاد, وهذا على مايبدو نابع من الجهل ونقص في الثقافة وعدم دراية كافية بطريقة تربية الأطفال, يسعى الناس لتوفير مايسمونه بالخبزه وتجدهم يلهثون طوال اليوم من أجل ذلك لدرجة أنهم يتنهدون أكثر مما يتنفسون، ثم يرجعون مساء وأحيانا ليلا لكي يناموا وغدا يعيدون نفس القصة, وهذا لايختلف عن حيوان يقضي يومه كاملا في الصيد لجلب الطعام وعندما يتعب يذهب للراحة, هنالك تشابه كبير أليس كذلك ؟
لكي نصل لفهم قضية التربية لابد أن نتوجه لأنفسنا أولا, لابد أن يحدث التغيير لكم أنتم أيها الآباء والأمهات, لابد أن ننظر لأنفسنا قبل أن ننظر لأبنائنا, ولابد أن يدرك كل من الأب والأم مسؤوليته ومدى أهميتها, فالأمر لايقتصر فقط على تربية الأبناء وإنما هو تربية مستقبل أمة وسلوك جيل بأكمله ينتظر منه تغيير واقع الأمة إلى الأفضل.
في الكثير من الأحيان يكون سلوك الطفل راجعا إلى شيء من والديه, يتأثر الطفل بما يحدث في أسرته لدرجة يحددها نمو عقله وقدرته على الإستيعاب, قد يكون الطفل شديد القلق والتوتر لأن والديه كذلك, وقد يكون الطفل غير اجتماعي لأن والديه لم يعلمانه أساليب التعامل مع المجتمع, إن علينا أن نلتفت للسبب الذي يجعل أبنائنا يقبلون على أي تصرف, وما الدافع لهذا السلوك, علينا أن نتعلم متى نستخدم الشدة ومتى نلجأ للين مع أبنائنا, فبمجرد ولادة طفل علينا أن نتعلم كيف نتعامل معه, وعلى الأم أن تعرف مالدافع من بكاء طفلها الرضيع هل هو محتاج لتغيير ملابسه, أم أنه بحاجة للرضاعة, إن الأم هي كل شيء في التربية لهذا نحن نركز عليها في الكثير من الأحيان لذلك يمكن أن نقول بأن صلاح المجتمع هو بصلاح المرأة.
علينا أن نتفق أن الآباء والأمهات يبذلون جهدا كبيرا في تربية أبنائهم, فنحن لا نقلل من هذا المجهود الشاق ولا ألقي باللوم على الوالدين ولا نريد أن نوصل فكرة أنهم مقصرين في تربية أبناءهم, يشتكي بعض الآباء من صعوبة فهم أبنائهم وعدم القدرة على التواصل مع ابنائهم أو عدم قدرتهم على تربيتهم وتوصيل المفاهيم الصحيحة لهم, يجب أن نفهم بأن التعب أحيانا لايمكن أن يجلب النتائج المرجوة إن لم نفهم الوسيلة الصحيحة لتربية أبنائنا.
إن كلامنا هذا يمكن أن يناقد مفهوما تربويا معينا عند البعض, لكن المشكلة التي تطال تربية أبنائنا هي مشكلة متجذرة في مجتمعنا, الذي يكاد يلهث وراء المال والطعام وينسى الكثير من الأشياء الأخرى ومن بينها التربية السليمة للطفل, إذا أردنا قول الحقيقية و استخراج لب المشكلة فيجب علينا أن ننظر إلى طبقة الجهل التي جلبت العتمة لادمغتنا, لا أحد يقرأ الكتب ولا أحد يتعلم خارج المدرسة, من يربي الأطفال يظن بأنه خلق جاهزا أو أنه سيستلم وحيا, قليلون هم من يعرفون كيف يربون أبنائهم وكثيرون هم من يقلدون عادات أمهاتهم في التربية حتى وإن كانت خاطئة.
لقد قلت في بداية هذا المقال بأن إثارة الإنتباه حول تربية الأطفال أمر قد لايكون سهلا في البداية وهو كذلك فعلا, مع قلة قراءة الكتب ومع الأفكار والعادات المتجذرة في مجتمعنا والتي تكاد تكون عصية على الاستئصال قد يكون صعبا أن نوعي من حولنا لكننا نحن الشباب يمكننا أن ندرك الشكل الصحيح للتربية التي يمكن أن تجعل أبنائنا يترعرعون بالشكل الصحيح الذي ينبغي أن يكونوا عليه.
أضف تعليق:
0 comments: