العلم هو النقلة الكبرى للبشرية على مدار تاريخها ، وتحديداً بدءً من القرن السادس عشر عندما بدأ وضع الأساسيات الرئيسة لمفهوم العلم الحديث.
مبدئياً ، يجب أن تفهم 4 مصطلحـات مركزية ، قبل أن تأخذ أي انطبـاع عن العلم ، سواءً بالقبـول أو الرفض .. أشرحها هنا بشكـل مركز :
الحقائق Facts :
إذا توافق ( بالإجماع ) عدد من نتائج الراصدين والباحثين المجهزين بأكفأ أجهزة الرصد والتليسكوبات أن عدد أقمـار كوكب المريخ = 2 .. وكلهم أجمعوا على مدار كل منها ، وأحجامها وشكلها .. في هذه الحالة ، يمكن قبــول نتائجهم بإعتبـارها حقيقـــة ..
هنا يبرز السؤال :
هل رصد الحقيقة علميـاً ، والإتفاق عليها .. له أي علاقة بسلوك هؤلاء العلمـاء ، أو أخلاقيـاتهم ؟ .. إذا كان أحد العلماء يضرب زوجته ، والآخر يتناول طعاماً غير صحّي .. هل لهذه الصفات ( الأخلاقية ) أي علاقة برصد حقيقة علميـة ؟
إطلاقاً .. طالمـا أجمعوا على رصد حقيقة معيّنة في الوجود ، بأساليـب محددة وإمكـانيات وأدوات ثابتة مُعترف بها في البحث العلمي، فالإجمـاع على وجود هذا الشيء يمكن اعتبـاره حقيقة علميـة ..
القوانين :
هي ترتيب لهذه الحقائق في مجموعات .. والعلاقة التي تربط بين كل مجموعة من هذه الحقائق في إطـار محدد ، تسمى قانوناً او قاعدة .. مجرّد ( تنظيـم ) وترتيب لما يتم رصده من حقائق ..
المـاء يغلي عند درجة حرارة معينة في ظروف معيّنة .. رصد هذه ( الحقيقة ) يجعــل هناك ( قانوناً ) ينظمها ..
إذاً ، لابد من وجود ( حقائق ) .. حتى يمكن التوصل الى ( قوانين ) .. الحقيقة المجرّدة تظل عقيمة ، حتى يأتي العقـل الذي يستطيع تمييزها ، وربطهـا مع حقائق أخرى مستخرجاً القانون.
الافتراضات :
ما هي الا تخمينات محتمـة .. فهم مبدئي لموضوع بحث معين ، ويتم وضعها تحت التجربة والإختبار للتحقق منها ..
مثلاً :
احتمال الاصابة بالسرطان يتزايد مع كثـرة التدخين ..
هذه فرضية .. لابد من العمل عليها ، وجمع البيانات ، ووضعها تحت التجربة ، ثم التوصل الى استنتـاج بخصوص هذا الموضوع ( كحقيقة ) ..
النظـرية Theory :
النظرية مفهومها واسع للغاية ، وهي أساس جوهر الفكـر .. النظرية تعطي تصوّر عام بخصوص ( ظواهر ) تحدث حولنا ، ولكن بحسـابات وتنظيـرات دقيقة مبنية على أساسيات رئيسية في الفكر ، وليس مجرّد خزعبلات.. وليس مجرّد توجهات عامة ..
عندما نتكلم على النظرية النسبيـة لأينشتايـن .. يجب أن تكون هناك محددات لدقة هذه النظرية ، هي أن تكون ( شاملة ) لعدد واسع من الظواهر .. أن تنطبق على كرة صغيرة ، وتنطبق أيضاً على قذيفة منطلقة في طريقها لإصابة الهدف ، وتنطبق أيضاً على حركة القمر حول الارض ، وعلى حركة الأرض حول الشمس ، وهكذا ..
أن يكون لهذه النظرية ( أبعاداً ) شاملة تنطبق على ظواهر مختلفة .. ولا تناقش فقط جانباً ضيقاً محدوداً من شيء معين..
وبالتالي ، عندما تقدم ( نظرية علمية ) يجب أن تكون عامة وجامعة ولها تأصيل فكــري حقيقي ، وليس مجرد مشاهدات عامة ..
حقائق .. قوانين .. افتراضات .. نظريات .. هي الأركان الأربعة التي يقوم عليها العلم الحديث ، والتي يجب أن تضعها في اعتبارك بمجرّد سماعك عن أي اكتشاف أو تأصيل علمي .. تحدد بالضبط هذا التأصيل تابع لأي منها ..
أضف تعليق: