فكر بشكل إيجابي وستتلاشى كل مشاكلك في الهواء, لا تهتم باتخاذ الإجراءات اللازمة لخلق الحياة التي تريدها ما عليك سوى الجلوس في مكانك ومحاولة التفكير بإيجابية بأن كل شيء سيكون على ما يرام.
هذه هي الفلسفة التي يتبناها العديد من مدربي التنمية البشرية وكذلك المؤلفين والمعلمين والواعضين وغيرهم، وقد أطلق عليها اسم "التفكير الإيجابي" وهي بشكل مذهل ناجحة كثيرا، وباحتساب الكتب والدورات والمحاضرات التي تدعي بأنها ستجعل شخصا ما يفكر بايجابية فعندها سنعتبر بأن صناعة التفكير الإيجابي صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
لكن ماذا لو أخبرتك بأن كل هذا هراء؟
قبل أن تكون سريعًا في الحكم ، دعني أوضح وجهة نظري.
إغلاق عينيك لن تجعل المشاكل تختفي، إذا نظرت إلى الحياة سترى أنها تحتوي على حقائق إيجابية وسلبية: هناك متعة وألم، حب وكراهية ، سلام وحرب ، وهكذا دواليك.
ووفقا لفلسفة التفكير الإيجابي فيجب علينا ألا نفكر في الجانب السلبي للحياة ، ويجب أن ندعي أن هذا الجانب السلبي غير موجود. ليس هذا فقط، بل إن لم نفكر في الأمر وركزنا بدلاً من ذلك على الجانب الإيجابي ، فإن السلبية ستختفي تماماً من حياتنا وسيصبح كل شيء مثاليا ورائعا.
"لا تقلق بشأن الأطفال الجائعين في إفريقيا. فقط صلي من أجلهم وسيكونون على ما يرام ".
"لا تقلق بشأن ارتفاع مستويات البحار والتلوث البيئي وفقدان التنوع البيولوجي. فقط حافظ على تفكيرك إيجابيا وسيتعافى كوكبنا من جميع الأضرار التي لحقت به. "
"لا تقلق بشأن عملك الذي تكرهه أو علاقاتك التي أفسدتها، فقط تصور أنك تعيش بالفعل حياة أحلامك وسوف تجد قريبا الشريك المثالي والمهنة المثالية .
حقيقة التفكير الايجابي لن يفعل شيئا لكل ما سبق. سيظل الأطفال الأفارقة يموتون بالملايين من الجوع ، وسيستمر كوكبنا في التعرض للأذى وستستمر حياتك صعبة مثلما هي، في الواقع ستزداد الأمور سوءًا من خلال الجلوس والتفكير بإيجابية وعدم إعطاء مشاكلنا أي اهتمام ، وإن لم نقم بشيء لحلها فالنتيجة التي سنحصل عليها هي أن هذه المشاكل ستصبح أكثر تعقيدًا .
لإعطائك شبهاً حول فلسفة التفكير الإيجابي التي يتم الترويج لها ، فإن التفكير الإيجابي يشبه أن تكون في منزل محترق ، بينما تحاول إقناع نفسك بأن كل شيء على ما يرام ، معتقدا أن هذه الطريقة ستجعل النار تختفي. وبطبيعة الحال فإن النار سوف تستمر في الحرق حتى تستهلك في نهاية المطاف المنزل بأكمله وتحرقك معه أيضا.
لهذا السبب أدعوا فلسفة التفكير الإيجابي بفلسفة الهراء، ليس فقط لأنها لا تعمل ، بل إنها تأتي بنتائج عكسية أيضًا، السؤال المهم هنا هو لماذا يقوم الكثيرون بشراء كتب التنمية البشرية ويدفعون المال لقاء حضور دوراتها التدريبية؟ ببساطة لأن الأشخاص لايستطيعون رؤية الأمور على حقيقتها، كيف سيعرف شخص ما بأن هذا الأمر مجرد هراء إن كان ملايين من الناس يتهافتون عليه؟
الحل لكل هذا الهراء هو أن تنقل عقلك من التفكير الإيجابي إلى التفكير الواقعي التفكير القائم على العمل.
تخيل أنك مريض ، تعاني من مرض مؤلم. إن إتبعت هراء التفكير الإيجابي فستتظاهر بأن مرضك هذا ليس خطيراً وأن لديك الثقة في أنك ستتعافى قريباً وتصير بصحة جيدة دون القيام بأي شيء لعلاج حالتك. لكن في واقع الحال لن يساعدك هذا على الشفاء، سيبقى مرضك كما هو، وهناك احتمالية لتفاقمه مع تقدمك في السن.
الآن تخيل أنك قررت بدلاً من ذلك أن تترك الطبيب ينظر إليك ويخبرك ما هو السبب الكامن وراء مرضك وكيفية علاجه. قد يعلمك الطبيب أن العلاج ينطوي على بعض الألم، قد يكون من الضروري إجراء عملية جراحية أو تناول جرعة كبيرة من الأدوية مع الآثار الجانبية المحتملة. لكنك تعلم أنه بغض النظر عن الألم الزائد الذي قد تتعرض له أثناء العلاج ، ففي النهاية سيستحق الأمر هذه المعاناة. هذا لأنك ستتعافى بعد ذلك من الألم المزمن الذي يسببه مرضك ، في حين أن الألم الإضافي الذي يسببه العلاج سيكون مؤقتًا فقط. لذا فمن المنطقي أن تبدأ مرحلة العلاج لترجع بصحة جيدة.
كما هو الحال في المثال أعلاه ، إذا أردنا التغلب على مشاكل حياتنا ، فعلينا أن نفعل شيئًا حيالها لا أقصد بذلك تكرار التأكيدات الإيجابية في أذهاننا والتمني بأن يكون كل شيء على ما يرام، بل أقصد أن نقف ونشمر عن سواعدنا ونقوم باتخاذ إجراءات ملموسة. لكن علينا أولاً أن نتقبل مشاكلنا بدلاً من إنكارها ، لأن فلسفة التفكير الإيجابي تحثنا على عدم التفكير في الجانب السلبي من حياتنا، نحن بحاجة إلى النظر إلى هذا الجانب لأننا ببساطة لم نكن لنتعلم لولا نظرتنا إلى ضعفنا وأخطائنا ودراسة سبب مشاكلنا والبحث عن طرق للتعامل مع هذه المشاكل بفعالية.
بالطبع ، قد يكون هذا الأمر صعبًا جدًا. أن نعترف بأن هناك خطأ ما في حياتنا سيكون مرارة حقا. قد يكون التغيير صعبا وقد يتطلب عملًا شاقًا للغاية. ولكن ، سواء أحببنا ذلك أم لا ليس هناك طريقة أخرى للقيام بهذا. إما أن نعمل على مشاكلنا ونعاني لفترة قصيرة ، أو نتجاهلها ونعانيها طالما أننا أحياء.
إن النظر إلى التطور الذي حصل لعالمنا بداية من آدم ووصولا إلى ما نحن عليه الآن سيعلمنا بأن الجلوس والتمني لن يفعل شيئا، العمل وحده من يؤدي إلى النتائج التي نريدها، لو كان الجلوس ومجرد التفكير بإيجابية سيحل كل مشاكلنا فستكون الحياة أبسط مما تبدو عليه حتى، فكر قليلا حول الأهداف التي يسعى لها الكثير من الأشخاص والتي تكون عبارة عن المال فقط، من سيكترث لخداعك إن كان سيجني أموالا طائلة لقاء هذا، لو وصلت لهذا السطر بدون أن تفهم أرجوا أن تبحث عن مؤلفات حول التفكير الإيجابي وتقرأها بتمعن وسترى بأنها مجرد هراء إن أفضل شيء يمكنك أن تفكر به هو أن تجعل تفكيرك واقعيا، لأن التفكير بواقعية سيكون أنسب شيء لمحيطك الذي تعيش فيه وإلا فإن تفكيرك بصورة بعيدة عن الواقع سيقودك للتفكير بأشياء لن تصل إليها إلا من خلال الأحلام.
أضف تعليق:
0 comments: